الجمعة، 23 أبريل 2010

رحلة الجبل २

حزمت أمتعتي وارتديت الزي الرسمي ، جلباب طويل مطرز من العنق حتى منتصف الصدر ومفتوح من الجانبين من منتصف
القدم وحتى الكعبين ، تحته بنطال عادة ما يربط برباط ، إلا أني طلبت أن يكون من ذوي " الأستيك منه فيه "

بعد صلاة العيد نظرت نظرة طويلة لوجه أمي ، تأملت قسماتها ، حفرتها في ذاكرتي .. سأغيب عنك خمسة أيام لا أعلم هل أعود بعدها أم لا ، لن أبدأ يومي بنظرة صافية من عينين سأفتقدهما .
منحت كلام من أخوي ضمة أظنني سمعت " تكتكة " عظامهما إثرها

وحان الموعد

ركبت سيارة على طريق ، كان كل منهما يشتكي من الآخر ، وبعد ساعات أربع -بحساب آلة الزمن فقط - ولال أظنها كذلك وصلنا إلى مدينة جوازا إحدى مدن الولاية ،
هناك استقبلنا القوم استقبالا حسبت أني أمير في موكب يسير مختالا
أكرمونا كرما أسأل الله أن لا يرزقني بمثله أخرى
؛
ففي الظلام الدامس *قدم إلي على العشاء -الذي تكرر أكثر من مرة - مجموعة من الأطباق التي لم أتمكن من تمييز محتواها ، حاولت جاهدا حتى بمساعدة أبي ، إلا أن كلا منا أعيته المحاولة
كانت معركة شرسة تدور في أمعائي
فلم أملك سوى أن أغمض عيناي لزيادة الاندماج اللاشعوري في اللانور ، وكتمت نفسي ، وحركت أسناني ... ولم أدر بعدها ما حدث .
......................

استيقظت على صوت أبي يتغنى باسمي فقمت مسرعا نشطا ..متجاهلا ما يدور بمعدتي وكأنها معركة في بطن غيري
وانطلقنا إلى نقطة التجمع تحت شجرة وارفة الظلال عظيمة الارتفاع ، أُخبرتُ عن عمرها وما مر بها من أجيال استظلت بظلها ما قررت أن أدخله في غرفة الأساطير - غرفة يمين في شمال على إيدك من ورا وانت داخل مخي من فوق -

مائة من الشباب تتراوح أعمارهم ما بين الثامنة عشر والأربعين ! *

قام الجوشاي * فيهم خطيبا وقسمهم إلى مجموعات
كنت ضمن المجموعة الأولى التي كانت مختلفة تماما عن باقي المجموعات ، كانت ثلاثة ، الجوشاوي ، وأبي ,أنا
كانت هي مركز القيادة وغرفة العمليات

وكان الأمر بالانطلاق .. فانطلقنا

................
لحظة .. كانت هناك مشكلة في اصطحاب البقرات الأربع التي سنذبحها فوق الجبل ، إلا أني لم أتابع الموضوع حينها وانشغلت بمتابعة المصور وتجهيزه للفيديو والكاميرا

بعد سير حثيث .. وصلنا إلى القاعدة * رميت ببصري إلى القمة ، فانقلب إلي البصر خاسئا
رميته مرة أخرى .. فغاب .. ثم عاد خاسئا مرة أخرى
فقررت الاحتفاظ به حاليا والذهاب بنفسي لرؤيتها

تسلل إلى قلبي بعض الخوف من أولئك الوثنيين الذين سنقبل على دعوتهم من عبادة الأصنام والسحر إلى عبادة الخالق المتعال
الذين سنخرجهم من عفن الدنيا إلى طهر الآخرة والدنيا
شددت على يدي أبي .. شعرت بالأمان . وأكملت الصعود

6 ساعات متواصلة من الصعود إلى أعلى في طريق جبلية وعرة ، مع لسان يلوك حبات السكر المركز لمنح بعض الطاقة ،
وأشجار النبق التي تترامى بين الصخور في مشهد لم أكن لأصدقه لولا أني قد رأيته بأم عيني ،
هذه الأشجار لم تسلم من قطف يدي لثمرها والاستمتاع بطعمها الذي لن أتمكن من وصفه الآن
وبجانبي المصور الذي يصور ذلك الحدث التاريخي
حيث أنا أقدامنا هي الأقدام العربية العربية الأولى التي تطأ جبال جوازا منذ فجر التاريخ .. أو هكذا أخبرونا

وصلنا إلى القرية الأولى بعد ربع يوم من الصعود المتواصل في الجبل .. الذي لم تظهر قمته بعد ....
--------------------------
----------------------------------------------------------------
* الظلام الدامس : الكهرباء ربما تأتي حوالي 3 أو 4 ساعات في اليوم
* طبعا الشباب حتى سن الخمسين .. وللا حد عنده كلام تاني ؟؟
* الجوشاوي : هو أمير هذه الجماعة الدعوية ومنسق رحلات الجبل وأول من بدأ الدعوة في الجبل منذ عشرين عاما مضت
*القاعدة : قاعدة الجبل طبعا .. عشان بس ما نروحش عند الناس التانيين ها الناس التانيييين

ليست هناك تعليقات: