ما أن تنتهي صلاة الفجر حتى تجدهم قد تجمعوا في حلقة واسعة يرددون وردهم الخاص (الذي وصل إليهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم مباشرة عن طريق شيخهم أحمد التيجاني ) في خشوع وهدوء وسكينة ، ينصرفون بعدها كل إلى عمله ومشاغله الدنيوية ، ثم يتكرر نفس المشهد بعد صلاة العصر ، ليجددوا إيمانهم ، ويتطهروا من أدناس الدنيا التي شغلتهم عن ذكر الله .
إنها الطريقة التيجانية التي أسسها الشيخ أبو العباس أحمد بن محمد بن المختار ابن أحمد بن محمد سالم التيجاني سنة 1150هـ -1230/ 1737م- 1815م) ،
والذي يدعي التيجانيون بأنه خاتم الأولياء قياسا على سيدنا محمد الذي هو خاتم الأنبياء وقد انتشرت هذه الطريقة في كثير من الدول الأفريقية أولها هي فاس وهي مصدر الطريقة ومنبعها الأساسي ،و المغرب والسودان الغربي (السنغال) ونيجيريا وشمالي أفريقيا ومصر والسودان
وتعتبر التيجانية من أكثر الطرق الصوفية عددا حيث يصل عدد أتباعها حول العالم مايقرب من
350مليون ،
تضم السنغال منها ما يقرب من ستة ملايين
وتعتبر نيجيريا هي الدولة الحاضنة لهذه الطريقة حيث تضم ما يزيد على أربعين مليون تيجاني
أصول الطريقة
د. عمر مسعود (باحث في الصوفية ) يقول الطريقة التيجانية تقوم على أصلين , الأصل الأول أن الأوراد التي يتمسك بها التيجانيون تعتبر نذر على من يتمسك بها, وجعلها على صفة النذر طبعاً يرفع من درجة أهميتها كما أيضاً يؤكد مستوى الالتزام والإلزامية بالنسبة للسالك عليها, الأصل الثاني الذي تعتمد عليه الطريقة التيجانية هو اعتبارها أن الأخوة في الله رحم بين أهلها ،بل وإن بعض المشايخ قال بأن ملاقاة الإخوان خير من الأوراد والأذكار ، لأن ملاقاة الإخوان لا تعوض بعكس الأوراد التي يمكن تعويضها فيما بعد
إذا حان المولد ... فشد الرحال
ويقول( حسن محمد ) طالب نيجيري ، عادتنا نحن التيجانيين إذا حضر وقت المولد النبوي كل منا يذهب إلى مسجد سيدنا ، حيث لكل قبيلة سيد ، وشيخ يتعهدها ويكون هو الراعي لها ، ونحن في نيجيريا نتجمع في ولاية (ميدغري ) والتي تعتبر معقل التيجانية عندنا ، لوجود الشيخ ( إبراهيم صالح الحسيني ) ، والشيخ ( أبو الفتح أحمد ) وهما يعتبران كبراء الطريقة في الدولة .
نحن الأوسع ... لأننا الأقرب
ويقول يوسف إبراهيم (طالب تيجاني -من الشوا) نحن الأوسع انتشارا في العالم ؛وهذه حقيقة (يقول) لأننا أقرب الطرق إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، ونعلم ذلك بتأكيده لنا بنفسه ، لأننا نراه في كل جلسة ذكر مرة كل يوم جمعة .
صلاة الفاتح
وعن ذكر هذه الطريقة وأورادها يقول محمد جدة ( أحد اتباع الطريقة النيجيريين ) إن جميع أوراد وأذكار الطريقة مأخوذة عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم ، قالها للشيخ أحمد التيجاني عندما قابله وأوصاه بها ، وخصوصا بـ ( صلاة الفاتح لما أغلق ) والتي تعتبر قرائتها أفضل من قرائة القرآن الكريم ست مرات ، أو من كل ذكر في الوجود ستة آلاف مرة ،
وقد هدم الأخ (جدة) أحلامي في قراءة هذه الصلاة ونيل هذا الثواب العظيم عندما أخبرني أن من شروط قبولها أن يتسلسل غذن قرائتها عن الشيخ أحمد التيجاني نفسه والذي لا يكون لي إلا باتباعها والتدرج فيها ألى أن اصل إلى درجة معينة يسمح لي بعدها بتلاوتها ، حينها يعني بأن تقبل مني وأنال ثوابها كاملا .
ارتكب الذنوب لتغفر لك
وعن ثواب صلاة الفاتح يكمل (بكر آدو ، أحد أتباع الطريقة أيضا ) بأنه بعد قراءة هذه الصلاة فإن جميع ذنوب الإنسان تمحى عنه جملة واحدة ، لذا عليك ارتكاب المعاصي حتى يوجد ما يغفر لك بعد قرائتها ، وغلا فلن تكون لهذه الصلاة فائدة .
صلي على النبي حتى تراه
ويقول محمد إبراهيم ذاكر (حفيد الشيخ إبراهيم صالح شيخ الطريقة التيجانية بجميع أنحاء نيجيريا ) إن التيجانية تاج على رؤوسنا و المسلم التيجاني على وجه الخصوص إذا صلى على رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسين مرة في ليلة الخميس ، فإنه سيرى الرسول صلى الله عليه وسلم في منام ذلك اليوم .
علاقات حميمة
وعن العلاقات التيجانية النيجيرية المصرية يقول ، إن جدي يزور مصر بين الحينة
والأخرى ( وبالمناسبة فإن إحدى زوجات الشيخ مصرية )وله أتباع ومريدون في القاهرة و ولهم زاوية قريبة من ميدان العتبة ، اسمها الزاوية التيجانية .
عند الشوا ... التيجانية هي الحل
ويقول محمد تيجاني ( 20 سنة ) أن التيجانية تنتشر بين شريحة واسعة من الشباب المنتمي لقبيلة الشوا عرب ، والتي تقطن الشمال من الدولة ، وهم كثيرون في مصر بسبب دراستهم بجامعة الأزهر الشريف ، وهم يقيمون أورادهم بشكل منتظم ، ( حتى يحفظهم الله من الوقوع في الكبائر ) والتي يراها ( حسب قولة ) منتشرة في مصر بصورة واسعة
كلام فارغ
محمد كان (مؤرخ وباحث في الطرق الصوفية) يقول: هناك بعض المخالفات والبدع والتقولات التي يقولها التيجانيون ويفترون بها على الشيخ أحمد التيجاني ، مثل مقابلته للنبي ، وكلامه في ثواب صلاة الفاتح مع أن الشيخ أحمد التيجاني قال قبل وفاته ، وبعد جلسة فكرية بينه وبين الإمام جسن البنا في مصر : إذا سمعتم مني شيئاً فزنوه بميزان الشريعة فإن وافقه فخذوه وإن خالفه فألقوا به عرض الحائط ، ويضيف قائلا : لا تختلف الطريقة التيجانية عن غيرها من الطرق الصوفية في تبني منطق "عدم مغالبة السلاطين لأن الله قد أقام العباد كما يريد ولا يليق -في نظرهم- مقاومة الحكام"، و برأي المتتبعين فقد حظيت هذه الطريقة بالاهتمام بعد أحداث 11 سبتمبر لما لها من فكر يعادي الفكر التكفيري الجهادي الذي تحمله " السلفية الجهادية"، خصوصا وأن أتباعها يعدون بالملايين في العالم